ذات مساء ... توجهت جارتنا السابقة إلي بسؤال لأخيها الذي يعيش في هولندا، كان لديه مشكل في المعدة وكانت غير واضحة المعالم، يذهب إلى التحليل ولا يجد أي نتيجة، وفي الفحص الطبي لم تتوافق حالته مع جرثومة المعدة أو مع قرحة المعدة القياسية، بالطبع كان ثمة تقرح والتهاب، ولكن، ليس أكثر من ذلك، العلة بقيت خفية والعلاجات التقليدية لم تجدي نفعاً.
حاولت الحصول على أية معلومات عن حالته الصحية، لأني لم أسمع من قبل بمرض لا يمكن تشخيصه، في حقيقة الأمر فهولندا يلتزم فيها الأطباء بالمصداقية أكثر، فهم لا يشخصون المرض بشكل تخميني كما يحدث اليوم في الوطن العربي، لابد من حسم الأمر.
فهمت أنه يعاني من المرض منذ سنوات، أصبح لا يتناول الطعام بشكل جيد، وهناك آلام مبرحة وغثيان وأعراض تقرح معدي، بما أني معالج ماكروبيوتك فهذه المعلومات كافية لي مبدئياً، لأن المرض كما نقوم بتشخيصه يتعلق بالكليات لا بالجزئيات، فليس هناك آلاف الأنواع للأمراض، يوجد خمسة أمراض زانغ وخمسة أمراض فو، ولكل مرض ثمة قطبين، هذا بالنسبة للأعضاء الداخلية، أي أن قرحة المعدة أو التهاب المعدة أو أي شيء يتعلق بالمعدة، سيكون مرضاً في الإجراء الترابي، إما ذو طبيعة أنثوية "ين" أو ذكرية "يانغ"، طبعاً هذا تشخيص للمرض وليس لعلة المرض، لأن العلة تتعلق بتركيب الجسد بالكامل وليس فقط بتركيب العضو المريض، والمعادلة الخاصة بالأمراض في الماكروبيوتك والطب الشرقي عموماً تكون كالتالي :
تركيب الجسد\النفس * تكوين البيئة المحيطة * العلة المباشرة للمرض = الظهور الموضوعي للمرض الجسدي أو النفس
الرمز * أشير بها إلى "التفاعل الزمني".
بمعنى آخر ، حين تزيل أحد هذه الشروط الثلاث سيزول المرض، لأن ساعته الزمنية قد تعطلت، ومع ذلك، ربما يظهر بشكل آخر أو بمكان آخرفي حالة بقاء العلل التي لم تعالجها.
وبشكل عام وحسب استبياني لغذاء المريض، وهذا حال جميع المرضى ما شاء الله، تبين أنه مفرط في شرب الحليب، مفرط في تناول السكريات، يتناول الأرز الأبيض بكثرة، هذا ما أذكره ولكن هناك تخبيصات كثيرة في نظامه، كما أنه اتبع حمية كيتونية مع أحد اليوتيوبرز المشاهير زادت حالته سوءً. هذا يعني : الشرط الصحي لتركيبة جسد المريض هو "الين\التطرف الأنثوي".
أمراض المعدة سواء كانت جرثومية أو التهابية ، أو تقرحية فإنها تكون ذكرية حين يصاب بها الاثنا عشر تحت المعدة ويؤثر على المعدة، وأنثوية يين حين تصيب راس المعدة، وهذا غالباً لا يظهر إلا في التنظير الدقيق، أما حموضة المعدة ونزيفها تعود إلى ارتخاء عضلة الحجب بين المعدة والمريء، لأنها تتلقى الأوامر بالحجب حين تكون الحموضة عالية جداً، والمعدة المريضة لا تستطيع توفير الأحماض اللازمة لهضم الغذاء مما يسبب الارتجاع، ويؤدي هذا اللاتوازن في حموضة المعدة مع الوقت إلى القرحة ، وهي فقدان الغشاء المخاطي للمعدة وتأذي بطانتها، ولكن جذر كل هذا واحد، إنه الغذاء السيء جداً جداً للمريض من جهة، وعدم قدرته على التوازن النفسي وكثرة القلق ، التي تؤدي إلى اضطراب رسائل المخ الكهربية إلى المعدة تحديداً من جهة أخرى..
حبوب الحموضة لن تنفع، لتعالج المعدة يجب أن تستعيد الغشاء المخاطي الخاص بها… ويجب أن تزيل التطرف الغذائي من غذائك، أي تبتعد عن الدهون والحلويات، وعن اللحوم والشحوم والأغذية المصنعة والحليب…
قمت بتقديم برنامج علاجي لذلك الشاب، وكان من صفحة واحدة فقط، وكان البرنامج كالتالي (بالحرف تقريباً):
علاج مشاكل المعدة :
يعتمد علاج المعدة عادة على أربعة أركان :
- إزالة البكتيريا الضارة
- ترميم جدار المعدة واستعادة الغشاء المخاطي
- زيادة البكتيريا النافعة
- موازنة عنصر التربة المسؤول عن معظم قوة المعدة وتوازنها
الأمور الثلاثة الأولى يدرسها فرع حديث من الطب يسمى ب"الطب الوظيفي" وهو فرع رسمي لم يُسمح له بالإثمار في وطنك العربي، وهي أمور أقرب إلى كونها مادية وتعتمد على فيزيائية الغذاء وتأثيره البيولوجي، فالبكتيريا الضارة تزول بزوال السموم من الأمعاء، البكتيريا النافعة يمكن استرجاعها (((فقط))) باللبن والمخللات المنزلية والتوابل الشرقية، المكملات البكتيرية، لا تجدي نفعاً أبداً.
ترميم جدار المعدة يحتاج إلى كولاجين غذائي، تحتوي عظام البقر نسبة عالية جداً منه ولكن التجارب أثبتت سوء جودته في عملية الترميم، الأفضل برأيي وحسب خبرتي، هو غلي القليل من الملوخية وشربها كل يومين أو ثلاث مرات في الأسبوع، ويمكن مغلي حبوب القطونة على الصباح الباكر وعلى الريق، هو بالمناسبة ينظف من الوسخ أيضاً.
استخدم زيت النعناع لإراحة معدتك كهربائياً ، وضع كيساً من الماء الساخن عليها ، عند المساء كل يوم قبيل الغروب ، لتكن معدة خاوية من غير جوع وأقبل على الشاي وذكر الله في ظلام يتخلله نور السماء الخافت ، شمعة أو قنديل مجاور ... لتكون رحمة وراحة لك ، وأجبر نفسك على شيء من ما يرضي الله كل يوم ، ولو كان قليلاً يباركه الله ويسامحك ضميرك ... في حال احتجت للمزيد من العون قل : ربِ رضني بما قضيت لي وعافني فيما أبقيت حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت ... أزِل مسببات البكتيريا الضارة من أمعاءك بقطع أسباب وجودها ، اللحوم والسكريات والفساد في الطعام ، وأحيي الكائنات الحية النافعة بمخللات بيتية وباللبن غير الآلي والمهجن ، ورمم الجدار الهُلامي لمعدتك ، ووازن أحماضها ... فهذه توصيات أُخرى
- شاي الكوزو مع الأوميبوشي والصويا صوص ( معاً ) يومياً ل21 يوم.[1]
- شاي مغلي الكرنب السلقيني يومياً.
- الأعشاب البحري ( الواكامي والهيجيكي والآرامي ) ملعقة صغيرة كل يومين ثلاثة أشهر.
- الخضار الحلوة ( استخدم اليقطين والبصل والملفوف والجزر والبروكلي كمكونات أساسية )
- الاعتماد على الأرز الأسمر والفريكة وتناولهما بشكل شبه يومي، الزيتون الجاف جيد ولكن قلل كافة الزيوت.
- استخدم سلطات الشوندر السكري وكذلك الملفوف الأحمر والصغير.
- الإكثار من الفواكه الشتوية "قليلاً" .
- المضغ 50 إلى 100 مرة ( استمر أسابيع على المضغ واصبر … )
- يمكنك تناول كل شيء تقريباً ، باستثناء تلك الشيطانيات التي تسمى ب"الملح الصيني MSG" وله تسميات أخرى كثيرة جداً "بهدف التمويه" يمكنك البحث عنها مثل E620 E622 …… و "البرومايد" و "السكريات الصناعية" و"الصودا" و"الأغذية المعدلة هرمونياً مثل ألبان وأجبان المزارع ( وليس المراعي ). إذا كنتَ مصمماً على تناول اللحوم ، فاحرص على أن تكون مشوية ( لا مقلية ولا محموسة ولا مقرمشة ولا شيء سوى ما ذكرته للتو ).
- ( استمر على هذه التعليمات 6 أشهر ).
هذه التعليمات عندما طبقها والتزم بها (وهو شخص يحب الالتزام) وبعد أن انقطعت علاقتي بتلك الفتاة لفترة طويلة جاءتني لتخبرني أن أخاها شفي بفضل الله من آلام المعدة ومن أكثر ما كان يعانيه، بل أنه لم يعد يتناول أية أدوية وصار يأكل كل ما يريد، وحقيقة سأذكر بعض الأمور المهمة، حيث أن مغلي الكرنب هو علاج نادرون من يعرفون قيمته بالنسبة للمعدة، ولكن طبيباً سورياً قديماً له مكانة عليا هو مصدر هذه المعلومة، وبالفعل أثبت الكرنب السلقيني المغلي نجاحه في هذا الموضوع ، بقوة، أما تناول الأرز والفريكة والبرغل فهو مسألة لابد منها لتعديل الفائض من الطاقة الأنثوية، ويستخدم كبروتوكول أساسي في الماكروبيوتك لأغلب أمراض العصر، هذا العلم لا يهتم كثيراً بالتركيبة الكيميائية للغذاء وإنما بخيمياء الغذاء والتأثير ال"عِللي" فيه، لأن قوة الصلابة في الحبوب الكاملة غير المقشورة تنتمي لعنصر التراب، بينما يعمل الخضر على إنعاش هذا العنصر، تعمل الحبوب على تقويته وتصليبه.
فكرة أخيرة : السبب الحقيقي لزيادة الشهوة والجوع ( فيزيولوجياً ) ، ليس معدتك المسكينة ، بل نقص الطاقة الناتج عن نقص المعادن ، وتكميم المعدة ثم إهمالها سيزيد هذا النقص نظراً لسوء الهضم.
المعدة عضو استقبال فيعتمد على قابلية هضمك للحوادث والأقدار ، وتفهمك للقدر خيره وشره ، وبحثك عن الجمال عوض التفاتك للشرور الافتراضية ، إذا بقيت عالقاً في نقطة معينة من الزمن ، وتشنجاً بسببها فستتضرر معدتك ببنائها العقلي والنفسي ، وستفقد قدرتك على الهضم الجسدي كما فقدتها على الهضم النفسي ، إلا في حالتين : الفصل بين نوعي الهضم في نواة عقلك الغيابي ،
تشنج المعدة ، اضطراب في المزاج الهوائي\الحكمة والتعقل الممتزج بالجمال والرغبة الحية ... الحل الحقيقي يكمن بتمليح حياتك ، وتذوق حلاوتها الحقيقية القابعة في الآن
الرغبة الحق
الجمال يزيل القُبح كما يزيل النور الظلام
الصبر ابتغاء جمال الله ، يثبت قدمي سعيك
الالتفات اليقظ لما يهمك وهو حاضر بكلانيته وأنت نحوه بكلانيتك قدر ما استطعت ، يجعلك تفهم فتقدر تغيير ما تريد
عدم استقبال القدر بالرضى ، لعدم إحساسك بجماله والتفاتك في للنقطة الوهمية القبيحة ، ولعدم صبرك في سعيك نحو الجمال ، ربما لضعفٍ في إيمانك ، ولعدم التفاتك اليقظ نحو المشاكل وتفهمها وحلها حلاً حقيقياً يناسب واقعها الحقيقي في ميزان حالتك
فإذا كنت تعاني من مشكلة مستمرة ، شعوراً وأفكاراً ، تطبق عليك خناقاً ، لابد لك أن تؤمن بوجود الحقيقة وراء المُشكلة ، أن ترغب بهذه الحقيقة ، أن تصبر على المُشكلة وتلحظ الجمال فيها أو على الأقل ، تنشغل عن ظلاميتها بالجمال ، لأن التوغل في الظلام دون مصباح لا يعكس سوى الظلام ... ومتى استطعت الفهم اليقظ فاستمسك به فهو العُروة الوثقى لا انفصام لها.
فمشكلتك التي لا تستطيع استقبالها انشغل عنها بالجمال والفن الصحيح ، والأُنس وذكر الجميل الحي القيوم ، واصبر على تلك الحال واطلب العون من الحياة وليس من الظلام ...
حافظ على استرخاءك لأطول فترة ممكنة ، وتركيزك على ما يهمك ويسعدك في حياتك ، وتعامل معها كأنها غير موجودة ، لا تكترث بها وبما يقوله العقل لك عن أهميتها وتعلقها بمصيرك ، مصيرك بيد الله ويد ذاتك التي تتعلق برحمة الله ، وليس للظلام رحمة كي يرحمك ، بما أنك لا تعرف حلها ، لأنك لا تعرف حقيقتها ، قم فقط بالتركيز على ما يهمك الآن في هذه الأثناء ، وتقبل حُكم الله ، استخدم القوة الاقتراحية بِحِكمة وبصيرة ، فإنها رحمة من الله وليست غلبة على القدر ، فما الذي تؤمن أنها تستطيع تحقيقه لك في الآن مما يهمك فعلاً ، فذاك هو ، فتخيل نفسك باسترخاء وجمال ، واستخدم قوة الصبر والعزم كما علمتك ممن علمني وكنت دائماً في غفلة ، فكن اليوم في فهم ... وعندما تحس ، بأن الوقت قد حان ، حُلها ....
انفصل بين مشكلة هضمك الجسدي وهضمك النفسي ، ووجه اقتراحاتك لمشكلتك الجسدية وأنت تنمو في تكاملك النفسي ...
أسألُ لك الصحة والعافية …
ملاحظة ...
[1] Ume Sho Kudzu Macrobiotic Remedy for Digestion, Colds, Nausea and more — HolisticNiss