يكتسب المرء هذا التعليم التوحدي الإشراطي في عقله في سن مبكرة كردة فعل على نوع من التروما ( الصدمة الشديدة ) أصابه جراء حدث ما ، قام بتأويله على أن المحيط الاجتماعي مكان خطر والانزواء خير استراتيجية للوقوف على هذا الحد الفاصل الخطير دون تجاوزه.
ينبغي أن ندرك أيضاً أن إعادة تأهيل شخص يصعب عليه تفهم الاقتراحات المقدمة إليه أو الاقتناع بها أو حتى معالجتها ، هو مسألة علاجية أصعب بمراحل كثيرة من بقية الأمراض التي يطلب فيها المريض نفسه العلاج وتعتمد على همته وجديته والتزامه … هنا الوضع مختلف ، هنا يقع على عاتقك أنت كشخص مسؤول عن هذا الطفل أو المريض أن تشربه بالقدرة على استيعاب اقتراحات التكيف الاجتماعي ، وكذلك الرغبة أصلاً بتغيير تكيفه السابق واستراتيجيات سلوكه التعويضي نحو الخوف … بعبارة أخرى : يجب أن تجد طريقة تجعل المتوحد فيها يرغب بالحياة ببعدها الاجتماعي ولو قليلاً وحينها سيحاول السعي معك نحو العلاج.
طبعاً التوحد ليس جينياً ولا يوجد مرض نفسي له عوامل جينية ، أولاً لأن الجينات ليست مسؤولة عن تشكل خرائط الأعصاب التشريحية في الدماغ ، فالجينات تقوم فقط ببناء الوحدات الأولية للبروتين ولا تقوم بتجميعها وتشكيلها وإنما يقع ذلك على عاتق الرنين المورفوجيني، ثانياً والأهم ،الدماغ نفسه لا يخضع لقواعد مُطلقة بحيث تنعكس عملياته من تكوين تلافيفه ، وبصراحة هذه النظرية الوهمية أصحبت قديمة جداً وكما يقولون أكل الدهر عليها وشرب ، لتدرك يا أيها القارئ الكريم أن الدماغ ما هو إلا مِعكاس للتفكير ، الشبكات العصبية قابلة للتغير وذلك قد ثبت بتجارب الدكتور نورمان دويدج واللدونة العصبية ، في المقابل فإن العامل الأساسي والسحري في تغيير هذه الشبكات هو التعلم الإشراطي الذي يحدث في اللاشعور وفق معادلة السلوك التي تجمع بين الدوافع والتأويلات والاستجابات والمثيرات. لذلك لا يمكن القول عن مرض نفسي أنه جيني أو ذو أصل بيولوجي جسدي خالص ، لأن البيولوجيا وبكل صراحة واضحة : ليست إلا الجسد دون النفس ، وإن النفس هي ما يؤثر فعلياً على الجسد وليس العكس.
أول ما ينبغي عليك أن تعرفه أن عقل المتوحد شديد النشاط بشكل مبالغ فيه خاصة في سنين العمر الأولى ، على عكس ما يظهر من هدوء أحياناً وفرط حركة نادر بمعظم الحالات ، ودليل ذلك هو نظرتك نحو عينيه التي تفقدان القدرة على التركيز ، وصعوبة تركيزه على موضوع محدد ، لأن عقله عائم بالأفكار وقلما يدرك الواقع أو يتبصر به ، ولذلك عليك أن تجذب انتباهه نحو هذا الواقع.
أفضل طريقة لذلك هي اللعب على وتر الرغبة بالجمال والفضول وهي رغبة أصيلة في الكائن الحي مهما يكون ، ومن منطلق هذه الرغبة يمكن إشراطها بتعلم سلوكيات اجتماعية تكيفية جديدة ، احد عناصر هذه الرغبة هي : الإحساس بجماليات الكون الموضوعي ، مثلاً هل فكرت أن تأخذه في رحلة سياحية نحو بلاد طبيعية ساحرة ، أو نحو الريف ؟ هل أريته البحر من قبل ؟ كم مرة حصل ذلك ؟ هل حاولت لفت انتباهه إلى أنشطة فنية معينة كالموسيقى والرسم ؟ أريته مثلاً لوحات زيتية احترافية وليس خرابيش أطفال ، لتحرض فيه روح الرغبة في الاتصال بالجمال …
للأسف الأهل دائماً يجهلون هذه الأمور ويظنون أن وضع ابنهم في روضة مع أطفال آخرين لهو كافي بالنسبة له لكي يستحث التواصل ولكن هذا الطفل إذا لم يستأنس بؤلائك الأطفال ولم يجد فيهم ما يثير شغفه وأحسهم ثقلاً إضافياً عليه وفرضاً ضده فسيزيد استراتيجيته التعويضية التي يظنها عقل مفتاح كل الحلول ، لأنه سيحسب نفسه في صراع مع سلطة الأهل ، فوضع الطفل في روضة أو الكبير في مركز اجتماعيللعناية لا يكفي لمن يسعى نحو البحث الجاد عن العلاج ، لابد أن تستيقظ روح الرغبة لدى المتوحد في تعلم المهارات الاجتماعية ولابد أن يؤمن بقدرته عليها ويمارس تعلمها بانتظام وبطريقة سليمة تراعي مبادئ علم النفس.
دع طفلك يلعب بالتحف ويرى الأعمال الفنية العظيمة ويسمعها ويرى كيف يتم تعلم تلك الأمور ، ولكن ركز على نشاط واحد تحسه الأقرب ولا تجعل النشاطات تتعدد فيتشتت الإدراك والتركيز تماماً ويفشل التعلم الجديد ، وبعد تحقيق إدراك المتوحد لرغبته في الجمال وانعكاس الجمال في العالم الموضوعي وقدرته على الاتصال بهذا العالم وتعلم مهارات التواصل من أجل تعلم تحقيق الجماليات وتحمل المسؤولية الشخصية ، وبعد أن تتفوق رغبته هذه على خوفه من التواصل من خلال بناء "مدرج القلق" وهو استراتيجية معلومة في العلاج السلوكي ، فمن الممكن بسهولة تحقيق تحسن ملحوظ في كل خطوة يخطوها من خطوات المدرج التي تبدأ بأقل ما يثير قلقه اجتماعياً والذي يواجهه بحثاً عن الرغبة بشيء ما ، وانتهاءً بأقصى ظروف الضغط الاجتماعي بعد أن تعلم كيف يواجه الظروف العادية وكرر تعليمه حتى احترفه[من الأفضل هنا مراجعة معالج "سلوكي" أو معرفي محترف ومرخص].
هنالك ألعاب ذهنية تطبيقية تساعد المتوحدين في تعلم مهارات جديدة بدافع الفضول ، منها ما هو الكتروني ومنها ما هو مادي يمكنك البحث عن ذلك.
في جهة أخرى من الموضوع ، فطبيعة العقل المشتتة لدى المتوحد تشير إلى طبيعة يين شديدة التطرف في توزيع كهرباء الدماغ ، وفي عمل فيزيولوجيا الجسد وتحديداً تصريف الفضلات ، لذلك من المعروف أن المتوحدين تتراكم في أمعائهم فضلات الطعام والفطريات والبكتيريا والديدان حتى لتصبح عشرة كيلوغرامات وعشرين كيلو في بعض الحالات الموثقة ، ومن هنا ينبغي عليك أيها القارئ الكريم أن تتوقف عن إعطاء مريضك السموم والطعام الملوث ، وأن تنظف أحشاءه من هذه الأوساخ والقاذورات الطفيلية ، وحينها يتحسن التوحد إلى ما يقارب 70% في بعض الحالات ( فقط بالاعتماد على التنظيف والغذاء الجيد والسليم ).
يؤدي ارتشاح الأمعاء إلى أمراض المناعة الذاتية المختلفة[1]مثل الغدة الدرقية والتهاب المفاصل وغيرها من أمراض ، ومن بين هذه الأمراض ، ضمور الزغابات الماصة في بطانة المعي الدقيق[2]، والتي تؤدي مع الوقت إلى انعدام تغذية الدم ، ومن الممكن تشخيص ارتشاح الأمعاء بعدة طرق[3]: عبر قياس البكتيريا في البراز او نسبة الزونولين في الدم ، أو قياس السموم في الدم ، أو ملاحظة أعراض ارتشاح الأمعاء.
هناك عدة أسباب مثبتة حسب مناهج الطب الغربي لحدوث متلازمة ضمور الزغابات المعوية وارتشاح الأمعاء[4] :
كون التوحد هو مرضاً دماغياً معوياً
من المهم أيضاً أن تقوم بعمل القليل من التدبيرات اللازمة لاسترخاء عقل المتوحد النشط أكثر من اللازم ولتنشيط جسمه الخامل أكثر من اللازم ، وهذا ما سيحقق التوازن في توزيع الكهرباء العصبية على أنحاء الجسم ، فبينا تحثه على ممارسة أدنى قدر من الرياضة والمشي ، تقوم بتدليك جبينه بزيت النعناع البري الأصلي الذي تشتريه من شركة معروفة ومن الصيدلية …
ومن ضمن التوصيات التي نتعامل بها عادة مع التوحد من الناحية الجسدية :
1. الحمية من الأغذية الضارة مثل المواد المصنعة وخصوصاً الشيبس والسكر الأبيض والحليب المجفف والمرتديلا والأندومي والخبز الأبيض والحلويات غير المنزلية ، والاعتماد على الحبوب الكاملة والخضروات المطبوخة والبقوليات وممكن السمك والمكسرات ، وأما اللحوم البلدية والأجبان التي ليست شغل آلات ومعامل ، فيمكن إدخالها بحصص قليلة شهرية كحد أقصى وذلك عند الضرورة القصوى ، مع أنني لا أؤيد فكرة تناول اللحوم لمريض التوحد أثناء العلاج ، وكذلك الماكروبيوتك ، وإنما هذه التعليمات هي أضعف الإيمان.
2. تناول الأطعمة المرة الداعمة لطاقة النار كالهندباء والخبيزة والأرقطيون وشرب الكاكاو.
3. تنظيف الأمعاء عبر تناول عشبة لسان الحمل على الريق ، ومن الممكن عمل حقنة شرجية.
4. تغذية الأمعاء بالبكتيريا النافعة من خلال تناول المخللات منزلية الصنع وخصوصاً مخلل الملفوف.
5. استخدام الأغذية الغنية بالكولاجين وخصوصاً الخضار الليفية.
المراجع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق